توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

مقدمة

تعتبر شركات المقاولات من القطاعات الحيوية والأساسية في الاقتصاد، حيث تسهم بشكل كبير في بناء وتطوير البنية التحتية والمشاريع الكبرى مثل الطرق والجسور والمباني السكنية والتجارية. ونظراً لطبيعة عمل هذه الشركات التي تتميز بتعدد المشاريع وتنوعها واختلاف أحجامها وفتراتها الزمنية، فإن إدارة المصروفات العمومية والإدارية وتوزيعها بشكل عادل ودقيق على المشاريع المختلفة يعد من التحديات الرئيسية التي تواجه المحاسبين والإداريين في هذا القطاع.

المصروفات العمومية والإدارية هي تلك النفقات التي لا ترتبط بشكل مباشر بمشروع معين أو نشاط محدد، ولكنها ضرورية لتشغيل الشركة واستمرارها. وتشمل هذه المصروفات عادةً رواتب الموظفين الإداريين، وإيجار المكاتب، وفواتير المرافق العامة، ومصاريف الصيانة، والتأمينات، والرسوم القانونية، وغيرها من النفقات التي تدعم العمليات اليومية للشركة بشكل عام.

تكمن أهمية توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات في عدة جوانب، أهمها:

  1. تحديد التكلفة الحقيقية لكل مشروع، مما يساعد في تقييم ربحيته بشكل دقيق.
  2. المساعدة في اتخاذ قرارات تسعير المشاريع المستقبلية بناءً على بيانات دقيقة.
  3. تحسين كفاءة إدارة الموارد وتخصيصها بين المشاريع المختلفة.
  4. تلبية متطلبات التقارير المالية والضريبية وفقاً للمعايير المحاسبية المعتمدة.
  5. تمكين الإدارة من تقييم أداء المشاريع والمديرين المسؤولين عنها بشكل موضوعي.

في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل طرق توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات، مع التركيز على المبادئ المحاسبية المتعلقة بهذه العملية، وخصوصيات قطاع المقاولات وتأثيرها على آليات التوزيع، والطرق المختلفة المستخدمة في توزيع هذه المصروفات، وأفضل الممارسات المتبعة في هذا المجال. كما سنقدم أمثلة عملية توضح كيفية تطبيق هذه الطرق في الواقع العملي لشركات المقاولات.

المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات: تعريفها وأنواعها

تعريف المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات هي تلك النفقات التي لا ترتبط بشكل مباشر بمشروع معين أو عملية إنتاجية محددة، ولكنها ضرورية لتشغيل الشركة وإدارتها بشكل عام. وتُعرف أيضاً بأنها المصروفات غير المباشرة التي تدعم العمليات اليومية للشركة وتساهم في استمرارية نشاطها.

تتميز هذه المصروفات بأنها:

  • لا يمكن تخصيصها بشكل مباشر لمشروع محدد أو مركز تكلفة معين
  • تكون مشتركة بين جميع المشاريع والأنشطة في الشركة
  • تستمر بغض النظر عن حجم العمل أو عدد المشاريع القائمة
  • تكون ثابتة نسبياً في المدى القصير ولا تتغير بشكل كبير مع تغير حجم الإنتاج

في قطاع المقاولات، تكتسب المصروفات العمومية والإدارية أهمية خاصة نظراً لطبيعة العمل في هذا القطاع، حيث تتعدد المشاريع وتختلف في أحجامها ومدتها الزمنية ومواقعها الجغرافية. وهذا يجعل عملية توزيع هذه المصروفات على المشاريع المختلفة تحدياً كبيراً يواجه المحاسبين والإداريين في شركات المقاولات.

أنواع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

تتنوع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات، ويمكن تصنيفها إلى عدة فئات رئيسية:

1. مصروفات الإدارة العليا

تشمل هذه الفئة جميع النفقات المتعلقة بالإدارة العليا للشركة، ومن أهمها:

  • رواتب ومكافآت المديرين التنفيذيين والمدراء العامين
  • مصاريف اجتماعات مجلس الإدارة
  • تكاليف الاستشارات الإدارية والاستراتيجية
  • مصاريف سفر وتنقلات الإدارة العليا
  • تكاليف التدريب والتطوير للإدارة العليا

2. مصروفات الإدارة المالية والمحاسبية

وتشمل النفقات المرتبطة بالأقسام المالية والمحاسبية في الشركة، مثل:

  • رواتب ومكافآت المحاسبين والمدققين الماليين
  • تكاليف البرامج والأنظمة المحاسبية
  • مصاريف إعداد التقارير المالية والميزانيات
  • تكاليف التدقيق الخارجي
  • مصاريف الاستشارات المالية والضريبية

3. مصروفات الموارد البشرية

وتتضمن جميع النفقات المتعلقة بإدارة الموارد البشرية في الشركة، ومنها:

  • رواتب موظفي قسم الموارد البشرية
  • تكاليف التوظيف والاستقطاب
  • مصاريف التدريب والتطوير للموظفين
  • تكاليف أنظمة إدارة الموارد البشرية
  • مصاريف الفعاليات والأنشطة الاجتماعية للموظفين

4. مصروفات المكاتب والمرافق العامة

وتشمل النفقات المرتبطة بالمكاتب الرئيسية للشركة والمرافق العامة، مثل:

  • إيجار المكاتب الإدارية
  • فواتير الكهرباء والماء والاتصالات
  • تكاليف صيانة المباني والمرافق
  • مصاريف الأمن والحراسة
  • تكاليف التأمين على المباني والممتلكات

5. مصروفات تكنولوجيا المعلومات

وتتضمن النفقات المتعلقة بأنظمة وتكنولوجيا المعلومات في الشركة، ومنها:

  • رواتب موظفي قسم تكنولوجيا المعلومات
  • تكاليف شراء وصيانة أجهزة الحاسوب والخوادم
  • مصاريف البرمجيات والتطبيقات
  • تكاليف شبكات الاتصال والإنترنت
  • مصاريف أمن المعلومات والنسخ الاحتياطي

6. مصروفات قانونية وتنظيمية

وتشمل النفقات المرتبطة بالجوانب القانونية والتنظيمية للشركة، مثل:

  • أتعاب المستشارين القانونيين
  • رسوم التراخيص والتصاريح
  • تكاليف التقاضي والدعاوى القضائية
  • مصاريف إعداد العقود والاتفاقيات
  • رسوم العضوية في الهيئات والجمعيات المهنية

7. مصروفات التسويق والعلاقات العامة

وتتضمن النفقات المتعلقة بأنشطة التسويق والعلاقات العامة للشركة، ومنها:

  • رواتب موظفي قسم التسويق والعلاقات العامة
  • تكاليف الإعلانات والحملات الترويجية
  • مصاريف المشاركة في المعارض والمؤتمرات
  • تكاليف إعداد المواد التسويقية والإعلامية
  • مصاريف استضافة العملاء والشركاء

تختلف نسبة هذه المصروفات من شركة إلى أخرى حسب حجم الشركة وطبيعة نشاطها وهيكلها التنظيمي، ولكنها تمثل في المتوسط ما بين 10% إلى 20% من إجمالي تكاليف شركات المقاولات.

طرق توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

تعتبر عملية توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات من العمليات المحاسبية المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على تحديد تكلفة المشاريع وتقييم ربحيتها. ونظراً لأن هذه المصروفات لا ترتبط بشكل مباشر بمشروع معين، فإن توزيعها يتطلب اتباع طرق وأساليب محددة تضمن العدالة والدقة في التوزيع.

فيما يلي نستعرض أهم الطرق المستخدمة في توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات:

1. التوزيع وفقاً لنسبة كل مشروع من مصاريف العمليات المباشرة

تعتمد هذه الطريقة على توزيع المصاريف العمومية والإدارية بناءً على نسبة مصاريف العمليات المباشرة لكل مشروع من إجمالي مصاريف العمليات المباشرة للشركة. وتستند هذه الطريقة إلى فرضية أن حجم المصاريف المباشرة يعكس حجم الخدمة المقدمة من الإدارة للمشروع.

مثال توضيحي:

إذا كانت مصاريف العمليات المباشرة للمشاريع تقدر بقيمة 100,000 دولار، وهناك ثلاثة مشاريع A, B, C، وقيمة المصاريف العمومية والإدارية 60,000 دولار، فإن توزيع المصاريف العمومية والإدارية سيكون كالتالي:

المشروع مصاريف العمليات المباشرة النسبة المصاريف العمومية والإدارية
A 20,000 20% 12,000
B 30,000 30% 18,000
C 50,000 50% 30,000
الإجمالي 100,000 100% 60,000

تتميز هذه الطريقة بسهولة التطبيق وتوفر المعلومات اللازمة لها، حيث أن مصاريف العمليات المباشرة تكون معروفة ومسجلة بشكل دقيق في النظام المحاسبي للشركة.

2. التوزيع وفقاً لنسبة الإيرادات المحققة لكل مشروع

تعتمد هذه الطريقة على توزيع المصاريف العمومية والإدارية بناءً على نسبة الإيرادات المحققة لكل مشروع من إجمالي إيرادات الشركة. وتستند هذه الطريقة إلى فرضية أن حجم الإيرادات يعكس حجم العمل والمجهود المقدم من الإدارة للمشروع.

مثال توضيحي:

إذا كانت إيرادات المشاريع تقدر بقيمة 200,000 دولار، وهناك ثلاثة مشاريع A, B, C، وقيمة المصاريف العمومية والإدارية 60,000 دولار، فإن توزيع المصاريف العمومية والإدارية سيكون كالتالي:

المشروع الإيرادات المحققة النسبة المصاريف العمومية والإدارية
A 80,000 40% 24,000
B 0 0% 0
C 120,000 60% 36,000
الإجمالي 200,000 100% 60,000

من عيوب هذه الطريقة أن استحقاق الإيراد في بعض المشاريع قد لا يسجل إلا عند نهاية المشروع أو تنفيذ الأعمال، وفي مثل هذه الحالات يكون المشروع B غير محمل بأي مصاريف على الرغم من أن العمل به قد بدأ بالفعل.

3. التوزيع وفقاً لساعات العمل على كل مشروع

تعتمد هذه الطريقة على توزيع المصاريف العمومية والإدارية بناءً على عدد ساعات العمل المسجلة لكل مشروع. وتستند هذه الطريقة إلى فرضية أن عدد ساعات العمل يعكس حجم الجهد المبذول في المشروع وبالتالي حجم الدعم الإداري المقدم له.

مثال توضيحي:

إذا كان إجمالي ساعات العمل في المشاريع 1200 ساعة، وهناك ثلاثة مشاريع A, B, C، وقيمة المصاريف العمومية والإدارية 60,000 دولار، فإن توزيع المصاريف العمومية والإدارية سيكون كالتالي:

المشروع عدد ساعات العمل النسبة المصاريف العمومية والإدارية
A 400 33.3% 20,000
B 500 41.7% 25,000
C 300 25% 15,000
الإجمالي 1200 100% 60,000

من عيوب هذه الطريقة أنها قد لا تكون مناسبة لجميع أنواع المشاريع، فهناك مشاريع تعتمد على العمالة بشكل أكبر ومشاريع أخرى تعتمد على المعدات بشكل أكبر. كما أن هناك مشاريع قد يتم الصرف عليها قبل بداية العمل الفعلي من تأسيس وتهيئة الموقع للعمل.

4. طريقة التوزيع الإجمالي

في هذه الطريقة يتم تجميع تكاليف كل مراكز الخدمات في مبلغ إجمالي، ثم توزع على مراكز الإنتاج فقط. فإذا كانت هناك أربع مراكز خدمية تحسب جميعاً ثم تضاف إلى القيمة الإجمالية لمراكز التكلفة الإنتاجية.

تتميز هذه الطريقة بالبساطة وسهولة التطبيق، ولكنها قد لا تعكس بدقة استفادة كل مركز إنتاج من الخدمات المقدمة.

5. طريقة التوزيع الانفرادي

في هذه الطريقة توزع تكاليف كل مركز خدمة على حدة على مراكز الإنتاج التي تستفيد من خدماته فقط. وهذه الطريقة أكثر دقة من طريقة التوزيع الإجمالي، ولكنها تتطلب تحديد دقيق لاستفادة كل مركز إنتاج من كل مركز خدمة.

6. طريقة التوزيع التنازلي

تعتمد هذه الطريقة بشكل رئيسي على توزيع تكاليف المراكز الخدمية ذات القيمة الأقل على جميع الأقسام ذات القيمة الأكبر التي تستفيد من هذه الخدمات سواء أكانت إنتاجية أم خدمية وذلك بشكل تنازلي.

7. طريقة التوزيع التبادلي

تراعي هذه الطريقة عدالة التوزيع أكثر من الطرق السابقة، وتظهر الحاجة إليها في حال تطلب الأمر مراعاة الخدمات المتبادلة بين المراكز المختلفة. ووفقاً لهذه الطريقة يتم تحميل مركز الخدمة بتكلفة الخدمة التي يستفيد بها من أي مركز خدمة آخر.

8. تحديد معدلات تحميل التكاليف على مراكز التكلفة

بعد تحديد وحدة التكلفة، يتم تحديد القيمة الموجهة لوحدة المنتج في كل مركز إنتاجي، وذلك وفقاً لطبيعة النشاط وعملية التشغيل. وتسير معدلات التحميل زيادة ونقصاً وفقاً لمراكز الإنتاج.

الطريقة الأفضل لتوزيع المصاريف العمومية والإدارية في شركات المقاولات

بعد استعراض الطرق المختلفة لتوزيع المصاريف العمومية والإدارية، يمكن القول إن الطريقة الأفضل من وجهة نظر العديد من الخبراء في مجال المقاولات هي توزيع المصاريف وفقاً لنسبة كل مشروع من مصاريف العمليات المباشرة، وذلك للأسباب التالية:

  1. توفر جميع المعلومات اللازمة لتطبيق هذه الطريقة، حيث أن مصاريف العمليات المباشرة تكون معروفة ومسجلة بشكل دقيق.
  2. تعكس هذه الطريقة بشكل جيد حجم الخدمة المقدمة من الإدارة لكل مشروع.
  3. تتميز بالبساطة وسهولة التطبيق مقارنة بالطرق الأخرى.
  4. تحقق العدالة في توزيع المصاريف بين المشاريع المختلفة.

ومع ذلك، فإن اختيار الطريقة المناسبة يعتمد على طبيعة الشركة وحجمها وهيكلها التنظيمي ونوع المشاريع التي تنفذها. وقد تلجأ بعض الشركات إلى استخدام أكثر من طريقة للتوزيع حسب نوع المصروف وطبيعته.

تحديات توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

على الرغم من وجود طرق متعددة لتوزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات، إلا أن هذه العملية تواجه العديد من التحديات والصعوبات التي يجب على المحاسبين والإداريين التعامل معها بحكمة ومهنية. فيما يلي نستعرض أهم هذه التحديات:

1. تعدد المشاريع واختلاف طبيعتها

تتميز شركات المقاولات بتعدد المشاريع التي تنفذها في وقت واحد، واختلاف طبيعة هذه المشاريع من حيث الحجم والمدة الزمنية والموقع الجغرافي. وهذا يجعل من الصعب اختيار طريقة واحدة لتوزيع المصروفات العمومية والإدارية تناسب جميع المشاريع.

فعلى سبيل المثال، قد تكون طريقة التوزيع وفقاً لنسبة الإيرادات مناسبة للمشاريع ذات الإيرادات العالية، ولكنها قد تكون غير عادلة للمشاريع الجديدة التي لم تحقق إيرادات بعد. وبالمثل، قد تكون طريقة التوزيع وفقاً لساعات العمل مناسبة للمشاريع كثيفة العمالة، ولكنها قد تكون غير مناسبة للمشاريع التي تعتمد بشكل أكبر على المعدات والآلات.

2. التغيرات في حجم النشاط

تتعرض شركات المقاولات لتغيرات كبيرة في حجم نشاطها من فترة إلى أخرى، وذلك بسبب طبيعة العمل في هذا القطاع. فقد تشهد الشركة فترات ازدهار تزداد فيها المشاريع والأعمال، وفترات ركود تنخفض فيها المشاريع.

هذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على حجم المصروفات العمومية والإدارية، وعلى كيفية توزيعها على المشاريع. ففي فترات الازدهار، يتم توزيع المصروفات على عدد أكبر من المشاريع، مما يقلل من نصيب كل مشروع. أما في فترات الركود، فيتم توزيع المصروفات على عدد أقل من المشاريع، مما يزيد من نصيب كل مشروع ويؤثر سلباً على ربحيته.

3. صعوبة تحديد المصروفات غير المباشرة

من التحديات الكبيرة التي تواجه شركات المقاولات صعوبة تحديد المصروفات غير المباشرة وتمييزها عن المصروفات المباشرة. فبعض المصروفات قد تكون مباشرة لمشروع معين وغير مباشرة لمشروع آخر، وهذا يتطلب دراسة دقيقة لطبيعة كل مصروف وعلاقته بالمشاريع المختلفة.

على سبيل المثال، قد يكون مصروف صيانة معدة معينة مصروفاً مباشراً إذا كانت المعدة تستخدم في مشروع واحد فقط، ولكنه يصبح مصروفاً غير مباشر إذا كانت المعدة تستخدم في عدة مشاريع.

4. التوقيت المناسب للتوزيع

يعد اختيار التوقيت المناسب لتوزيع المصروفات العمومية والإدارية من التحديات المهمة التي تواجه شركات المقاولات. فهل يتم التوزيع بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي؟ وهل يتم التوزيع في نهاية الفترة المالية أم يتم تقديره في بداية الفترة؟

الإجابة على هذه الأسئلة تعتمد على طبيعة الشركة وحجمها ونوع المشاريع التي تنفذها. ولكن بشكل عام، يفضل أن يتم التوزيع بشكل دوري (شهري أو ربع سنوي) لضمان دقة التكاليف المحملة على كل مشروع، وتجنب المفاجآت في نهاية السنة المالية.

5. التغيرات في السياسات المحاسبية والضريبية

تتأثر عملية توزيع المصروفات العمومية والإدارية بالتغيرات في السياسات المحاسبية والضريبية. فقد تفرض الجهات الرقابية والضريبية قواعد وإجراءات معينة لتوزيع هذه المصروفات، وقد تتغير هذه القواعد من وقت لآخر.

على سبيل المثال، قد تشترط الجهات الضريبية طريقة معينة لتوزيع مصروفات الإهلاك أو الزكاة أو الضرائب، وهذا يتطلب من الشركة تعديل سياساتها المحاسبية للتوافق مع هذه المتطلبات.

6. تأثير التكنولوجيا والأتمتة

مع التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت العديد من شركات المقاولات تعتمد على أنظمة وبرامج متطورة في إدارة أعمالها. وهذا أدى إلى ظهور مصروفات جديدة مثل تكاليف البرمجيات والتطبيقات وأنظمة الأمن السيبراني.

توزيع هذه المصروفات يمثل تحدياً جديداً للمحاسبين، حيث يجب تحديد كيفية استفادة كل مشروع من هذه التكنولوجيا، وتحديد النسبة المناسبة لتحميلها على كل مشروع.

أمثلة عملية على توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

لتوضيح كيفية تطبيق طرق توزيع المصروفات العمومية والإدارية في الواقع العملي، نقدم فيما يلي مثالاً شاملاً لشركة مقاولات تقوم بتنفيذ ثلاثة مشاريع في وقت واحد.

مثال شامل: شركة الإعمار للمقاولات

شركة الإعمار للمقاولات هي شركة متوسطة الحجم تعمل في مجال المقاولات العامة، وتقوم حالياً بتنفيذ ثلاثة مشاريع:

  • المشروع A: بناء مجمع سكني
  • المشروع B: إنشاء مدرسة
  • المشروع C: تطوير طريق سريع

البيانات المالية للشركة للربع الأول من السنة المالية كالتالي:

البند القيمة (بالدولار)
إجمالي المصروفات العمومية والإدارية 240,000
مصاريف العمليات المباشرة للمشروع A 400,000
مصاريف العمليات المباشرة للمشروع B 300,000
مصاريف العمليات المباشرة للمشروع C 500,000
إجمالي مصاريف العمليات المباشرة 1,200,000
الإيرادات المحققة للمشروع A 600,000
الإيرادات المحققة للمشروع B 0
الإيرادات المحققة للمشروع C 900,000
إجمالي الإيرادات المحققة 1,500,000
ساعات العمل المسجلة للمشروع A 5,000
ساعات العمل المسجلة للمشروع B 4,000
ساعات العمل المسجلة للمشروع C 6,000
إجمالي ساعات العمل المسجلة 15,000

سنقوم بتوزيع المصروفات العمومية والإدارية باستخدام الطرق الثلاث الرئيسية:

1. التوزيع وفقاً لنسبة كل مشروع من مصاريف العمليات المباشرة

المشروع مصاريف العمليات المباشرة النسبة المصروفات العمومية والإدارية
A 400,000 33.3% 80,000
B 300,000 25% 60,000
C 500,000 41.7% 100,000
الإجمالي 1,200,000 100% 240,000

2. التوزيع وفقاً لنسبة الإيرادات المحققة لكل مشروع

المشروع الإيرادات المحققة النسبة المصروفات العمومية والإدارية
A 600,000 40% 96,000
B 0 0% 0
C 900,000 60% 144,000
الإجمالي 1,500,000 100% 240,000

3. التوزيع وفقاً لساعات العمل على كل مشروع

المشروع عدد ساعات العمل النسبة المصروفات العمومية والإدارية
A 5,000 33.3% 80,000
B 4,000 26.7% 64,000
C 6,000 40% 96,000
الإجمالي 15,000 100% 240,000

مقارنة بين الطرق الثلاث

المشروع طريقة مصاريف العمليات طريقة الإيرادات طريقة ساعات العمل
A 80,000 96,000 80,000
B 60,000 0 64,000
C 100,000 144,000 96,000
الإجمالي 240,000 240,000 240,000

من خلال المقارنة بين الطرق الثلاث، نلاحظ ما يلي:

  1. طريقة التوزيع وفقاً للإيرادات المحققة لا تحمل المشروع B بأي مصاريف عمومية وإدارية، على الرغم من أنه يستهلك موارد الشركة ويستفيد من خدمات الإدارة. وهذا يعتبر من عيوب هذه الطريقة.
  2. طريقة التوزيع وفقاً لمصاريف العمليات المباشرة وطريقة التوزيع وفقاً لساعات العمل تعطيان نتائج متقاربة، مما يشير إلى أن هناك علاقة قوية بين مصاريف العمليات المباشرة وساعات العمل في هذه المشاريع.
  3. المشروع C يتحمل النصيب الأكبر من المصروفات العمومية والإدارية في جميع الطرق، وهذا يتناسب مع حجمه الكبير من حيث مصاريف العمليات المباشرة والإيرادات المحققة وساعات العمل.

في هذه الحالة، قد تختار الشركة طريقة التوزيع وفقاً لمصاريف العمليات المباشرة، نظراً لأنها تعطي توزيعاً عادلاً للمصروفات بين المشاريع الثلاثة، وتتجنب عيوب طريقة التوزيع وفقاً للإيرادات المحققة.

خاتمة: توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات

في ختام هذا المقال الذي تناولنا فيه موضوع توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات، يمكننا استخلاص مجموعة من النتائج والتوصيات المهمة التي تساعد المحاسبين والإداريين في هذا القطاع على تحقيق أقصى استفادة من عملية توزيع المصروفات.

النتائج الرئيسية

  1. أهمية التوزيع العادل للمصروفات: يعد توزيع المصروفات العمومية والإدارية بشكل عادل ودقيق على المشاريع المختلفة أمراً ضرورياً لتحديد التكلفة الحقيقية لكل مشروع وتقييم ربحيته بشكل صحيح.
  2. تعدد طرق التوزيع: هناك العديد من الطرق المستخدمة في توزيع المصروفات العمومية والإدارية، ولكل طريقة مزاياها وعيوبها. وتشمل هذه الطرق: التوزيع وفقاً لنسبة كل مشروع من مصاريف العمليات المباشرة، والتوزيع وفقاً لنسبة الإيرادات المحققة لكل مشروع، والتوزيع وفقاً لساعات العمل على كل مشروع، وطريقة التوزيع الإجمالي، وطريقة التوزيع الانفرادي، وطريقة التوزيع التنازلي، وطريقة التوزيع التبادلي.
  3. خصوصية قطاع المقاولات: يتميز قطاع المقاولات بخصوصيات تجعل عملية توزيع المصروفات العمومية والإدارية أكثر تعقيداً، مثل تعدد المشاريع واختلاف طبيعتها، والتغيرات في حجم النشاط، وصعوبة تحديد المصروفات غير المباشرة.
  4. أفضل الممارسات: تشير الدراسات والخبرات العملية إلى أن طريقة التوزيع وفقاً لنسبة كل مشروع من مصاريف العمليات المباشرة هي الأكثر ملاءمة لشركات المقاولات، نظراً لتوفر المعلومات اللازمة لتطبيقها، وقدرتها على عكس حجم الخدمة المقدمة من الإدارة لكل مشروع، وبساطتها وسهولة تطبيقها.

التوصيات والإرشادات

  1. اختيار الطريقة المناسبة: يجب على كل شركة مقاولات اختيار طريقة توزيع المصروفات العمومية والإدارية التي تتناسب مع طبيعة نشاطها وحجمها وهيكلها التنظيمي ونوع المشاريع التي تنفذها. ويمكن الاستعانة بالخبراء والمستشارين في هذا المجال لاختيار الطريقة الأنسب.
  2. الثبات في تطبيق الطريقة المختارة: بعد اختيار طريقة معينة للتوزيع، يجب الالتزام بها وتطبيقها بشكل ثابت ومستمر، وعدم تغييرها من فترة إلى أخرى إلا لأسباب موضوعية ومبررة.
  3. توثيق إجراءات التوزيع: يجب توثيق جميع إجراءات وخطوات توزيع المصروفات العمومية والإدارية بشكل واضح ومفصل، وذلك لضمان الشفافية والمساءلة، ولتسهيل عملية المراجعة والتدقيق.
  4. استخدام التكنولوجيا الحديثة: يمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وبرامج المحاسبة المتطورة في تسهيل وتسريع عملية توزيع المصروفات العمومية والإدارية، وزيادة دقتها وموثوقيتها.
  5. المراجعة الدورية: يجب مراجعة طريقة توزيع المصروفات العمومية والإدارية بشكل دوري، للتأكد من ملاءمتها للتغيرات في بيئة العمل وظروف السوق، وإجراء التعديلات اللازمة عند الضرورة.
  6. التدريب المستمر: يجب تدريب المحاسبين والإداريين في الشركة بشكل مستمر على أحدث الطرق والأساليب في توزيع المصروفات العمومية والإدارية، وتزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة للقيام بهذه المهمة بكفاءة وفعالية.
  7. الالتزام بالمعايير المحاسبية: يجب الالتزام بالمعايير المحاسبية المحلية والدولية في عملية توزيع المصروفات العمومية والإدارية، وذلك لضمان صحة وسلامة القوائم المالية للشركة.

في النهاية، يمكن القول إن توزيع المصروفات العمومية والإدارية في شركات المقاولات هو عملية معقدة تتطلب فهماً عميقاً للمبادئ المحاسبية وخصوصيات قطاع المقاولات، وتطبيقاً دقيقاً للطرق والأساليب المناسبة. ومن خلال الالتزام بالتوصيات والإرشادات المذكورة أعلاه، يمكن لشركات المقاولات تحقيق توزيع عادل ودقيق للمصروفات العمومية والإدارية، مما يساهم في تحسين أدائها المالي وزيادة قدرتها التنافسية في السوق.